مسار السياسة النقدية في ظل التحول الاقتصاد الجزائري
كاتب الموضوع
رسالة
الزعيم :
عدد المواضيع : 400 العمر : 34 الدولة : الجزائر الأوسمة : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
موضوع: مسار السياسة النقدية في ظل التحول الاقتصاد الجزائري الثلاثاء 01 مارس 2011, 13:32
تمهيد : إن الحديث عن مستقبل الاقتصاد الجزائري من وجهة الإجراءات والتدابير يقتضي إجراء تقييم شامل للسياسات الاقتصادية السالفة وللنتائج التي تحققت على المستوى الاقتصادي وكذا الاجتماعي . ذلك أن هذا التقييم يعد منطلقاً لتحديد مجال وشروط وكيفية الانطلاق وإنعاش الاقتصاد الجزائري وإعادته إلى مسار النمو المتواصل والتنمية المستديمة . يعد محور إدارة الطلب من المحاور الأساسية في برنامج التكييف التي يعد الجانب النقدي فيها بارزاً، ولذلك سنتناول سيرورة السياسة النقدية في ظل تحول الاقتصاد الجزائري مركزين الحديث عن آثار برامج التكييف على واقع السياسة النقدية بالجزائر . أولاً : واقع السياسات النقدية في اتفاقات الجزائر مع الصندوق النقدي الدولي :
01 – الاستعداد الائتماني الأول ( ماي 1989 ) - الإجراءات النقدية - سير السياسة النقدية . 02- الاستعداد الائتماني الثاني ( جوان 1991 ) - الأهداف النقدية والمالية - النتائج النقدية والمالية المحققة 03- الاستعداد الائتماني الثالث ( أفريل 1994 ) - معايير تحقيق أهداف الاستعداد الائتماني - النتائج النقدية لسير البرنامج 04- اتفاق القرض الموسع ( ماي 1995 – ماي 1998 ) - الاجراءات النقدية لتحقيق الأهداف المسطرة - سير السياسة النقدية في ظل الاتفاق الموسع ثانياُ : طبيعة الإصدار النقدي في الجزائر : 01- الكتلة النقدية والإنتاج 02- التغطية النقدية
أولاً : واقع السياسات النقدية في اتفاقات الجزائر مع الصندوق النقدي الدولي :
تقدمت الجزائر للصندوق النقدي الدولي لاستخدام شريحة الاحتياط ، وذلك في الربع الأخير من سنة 1988 ، ومن تلك السنة عرفت الجزائر اتفاقات متعددة الأطراف مع الصندوق النقدي الدولي سنتطرق لها على النحو الآتي :
01 – الاستعداد الائتماني الأول (مايو 1989 ) :
وافق الصندوق النقدي الدولي في إطار اتفاق التثبيت (30 مايو 1989 ) على تقديم 155.7 مليون وحدة حقوق سحب خاصة ، كـما استفـادت الجزائـر من تسهيـل تمويل تعويضي بمبلغ 315.2 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (1) نظراً لانخفاض أسعار البترول وارتفاع أسعار الحبوب سنة 1988 .
الإجراءات النقدية :
أحدث هذا الاتفاق تغيراً جذرياً على مستوى المنظومة التشريعية في المجال النقدي إذ بعد سنة تقريباً من تاريخ الاتفاق تم صدور قانون يجعل من إعادة الاعتبار للجهاز المصرفي بصفته مشرفاً على السياسة النقدية وعلاقة السلطة النقدية مع الخزينة ومواضع نقدية أساسية أخرى مجالاً له وقد تمثل هذا في القانون رقم 90/10 المتعلق بالنقد والقرض الصادر بتاريخ 14 أبريل 1990 ، إذ قبل هذا الإصلاح المشار إليه لم يكن يمكن الحديث عن وجود سياسة نقدية واضحة وذلك للتداخل بين الخزينة العامة والبنك المركزي هذا من جهة وضعف الوساطة المالية من جهة أخرى (2).
سير السياسة النقدية :
تطورت الكتلة النقدية M2 بين 1989 و 1990 بنسبة 11.32% في حين لم يتغير الناتج الداخلي الإجمالي LE PIB سوى بمعدل 0.80% فقط ، وهو ما بين الفجوة بين المؤشرات النقدية والمؤشـرات العينـية ؛ مما يوحي بوجود كتلة نقدية بدون مقابل مما يساعد على بروز اختناقات تضخمية (3) ، كما تم تسجيل خلال سنة 1990 المؤشرات التالية : - ارتفاع القروض المقدمة للاقتصاد بـ 18 % . - سلبية معدل الفائدة الحقيقي ، إذ عرف معدل التضخم بمؤشرات أسعار المستهلك ارتفاعاً ملحوظاً. - ارتفاع التسرب النقدي بنسبة 12.57 % .
02 – الاستعداد الائتماني الثاني (جوان 1991) :
بتاريخ 03 جوان 1991 تم الاتفاق بين الجزائر والصندوق النقدي الدولي على الاستعداد الائتماني، إذ تم بموجبه تقديم 300 مليون وحدة حقوق سحب خاصة مقسمة على أربعة شرائح .
إن تنفيذ تطبيق هذا الاستعداد عرف بعض الظروف غير الملائمة ، مما جعلها تقف عائقاً أمام تطبيق بنوده المتفق عليها (4) .
وقد استهدف هذا الاستعداد في الجانب النقدي والمالي ما يلي :
- تحرير التجارة الخارجية والداخلية من خلال العمل على تحقيق قابلية تحويل الدينار . - ترشيد الاستهلاك والادخار عن طريق الضبط الإداري لأسعار السلع والخدمات وكذلك أسعار الصرف وتكلفة النقود .
وقد وضعت الحكومة لتحقيق هذه الأهداف مجموعة من الإجراءات النقدية :
- العمل على الحد من الكتلة النقدية M2 بجعلها في حدود 41 مليار د.ج . - تخفيض الدينار قصد التقليص من الفرق الموجود بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار الصرف في السوق الموازي ؛ على أن لا يتجاوز هذا الفرق 25% . - تعديل المعدلات المطبقة في إعادة التمويل ، إذ تم رفع معدل الخصم في أكتوبر 1991 إلى 11.5% بدل 10.5 %، وكذا رفع المعدل المطبق على المكشوف من طرف البنوك إلى 20 % بدل 15 % ، وتحديد سعر تدخل بنك الجزائر على مستوى السوق النقدية بـ 17 % . - تأطير تدفقات القروض للمؤسسات المختلة غير المستقلة .
النتائج النقدية والمالية المحققة :
عند تطبيق برنامج الاستعداد الائتماني اتسم الوضع بتوسع العجز في ميزان رؤوس الأموال الذي وصل 1.23 مليار دولار أمريكي واستمرار انزلاق الدينار حيث وصل 01$ (أمريكي) إلى 18.47 د.ج بعد ما كان 1 $ ( أمريكي) يعادل 8.96 د.ج سنة 1990 فقط ، الأمر الذي أدى بالمؤشرات النقدية والمالية أن تكون على الوضع التالي : - استمرار سلبية معدل الفائدة . - ارتفاع التكلفة المتوسطة لإعادة التمويل لدى بنك الجزائر إلى 14 % . - توسع إعادة التمويل لدى بنك الجزائر بنسبة 66 % . - توسيع القروض المقدمة للاقتصادية بنسبة 31.90 % . - نمو الكتلة النقدية ( M2 ) بـ 21.3 % بعد ما كان 11.3 % سنة 1990 . - تراجع معدل السيولة إلى 53 % بعد ما كان 64 % سنة 1990 . - استمرار ارتفاع معدل التضخم بمؤشر أسعار الاستهلاك حيث وصل إلى 22.8 % وهكذا يمكن أن نخلص إلى أن أداء السياسة النقدية بشكل عام كان غير فعالا خلال هذه الفترة وقد يعود سبب ذلك إلى الكثير من العوامل منها الاقتصادية وكذا غير الاقتصادية(5).
الاستعداد الائتمائي الثالث ( أفريل 1994 )
نتيجة العراقيل والقيود التي وقفت أمام إعادة التوازن الداخلي والخارجي (6), لجأت حكومة " رضا مالك " إلى الصندوق النقدي الدولي لإبـرام برنامـج تكييفي معـه لمدة سنـة تغطـي الفتـرة مـن 01/04/1994 إلى 31/03/1995 ومن البنود التي أستهدفها الإنفاق :
- تحقيق نمو مستقر ومقبول بنسبة 3 % في 1994 و6 % في 1995 . - تخفيض حدة التضخم . - تحرير التجارة الخارجية .
وقد استهدفت السياسة النقدية دعم سعر صرف الدينار بالحد من الضغط التضخمي عن طريق تخفيض معدل التوسع التقدي (M2) إلى 14 % لفترة البرنامج مقارنة بـ 21 % في 1993 وكذا :
- رفع معدل إعادة الخصم إلى 15 % . - جعل معدل تدخل البنك المركزي في السوق النقدية عند مستوى 20 % - معدل السحب على المكشوف للبنوك على بنك الجزائر يعادل 24 % . - التخلي عن إستعمال الوسائل المباشرة لمراقبة قروض الاقتصاد لإحلال مكانها الوسائل غير المباشرة .
معايير تحقيق أهداف الإستعداد :
- تعديل معدل الصرف ليصبح 36 دج للدولار الأمريكي، أي تخفيض قيمة الدينار بمعدل 10.17% في سبيل الدفع إلى نظام تحرير التجارة الخارجية، لتوطيد إندماج الاقتصاد الجزائري في الاقتصاد العالمي. - تخفيض عجز الخزينة إلى 3.3 % من الناتج الداخلي الاجمالي . - تحرير المعدلات المدينة للبنوك . - رفع المعدلات الدائنة المطبقة على الإدخار المالي في سبيل إحداث التحريض الإدخاري .
النتائج النقدية لسير البرنامج :
نحاول أن نقف على مجموعة من النتائج تعد نقدية أو لها صلة مباشرة بالجانب النقدي (7)
- ارتفاع نسبة السلع المحرر أسعارها إلى 84 % من إجمالي السلع المدرجة في مؤشر أسعار المستهلك . - حقق الناتج المحلي الحقيقي نمواً سلبياً بمعدل 0.4 % سنة 1994 مقارنة بمعدل النمو المقدر في البرنامج بـ 3 % . - إنخفاض العجز الكلي في الميزانية بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 4.4 % مقابل 5.7 % المقدرة في البرنامج الحكومي . - تمكن الحكومة من تخفيف مديونياتها اتجاه الجهاز المصرفي بمبلغ 22 مليار دينار . - ارتفاع الائتمان المحلي بنسبة 10 % عام 1994 ، وإلغاء السقوف على الفوائد المدينة كما تم فرض 25 % كمعدل احتياطي الزامي على الودائع بالعملة الوطنية، كما باشرت الخزينة إصدار سندات بأسعار فائدة تبلغ 16.5 % . - الإعلان عن إقامة سوق الصرف – ما بين البنوك – في ديسمبر 1995 .
اتفاق القرض الموسع ( ماي 1995 – ماي 1998 )(:
وافق الصندوق النقدي الدولي على تقديم قرض للجزائر يندرج في إطار الإتفاقيات الموسعة للقرض ليمتد إلى ثلاث سنوات ( 22 ماي 1995 – 21 ماي 1998 )، وقد حدد مبلغ الإتفاق بـ 1.169.28 مليون وحدة حقوق سحب خاصة أي 127.9 % من حصة الجزائر . ومن بين البنود التي استهدفها الاتفاق :
- التأكيد على سياسة الضبط المالي للتخفيف من حدة التضخم . - السعي لإرساء نظام الصرف واستقراره وكذا إنشاء سوق ما بين البنوك Interbancaire للعملات الصعبة، مع إنشاء مكاتب للصرف ابتداءاً من الفاتح جانفي 1996، وكذا العمل على تحويل الدينار الجزائري لأجل المعاملات الجارية الخارجية. - دعم تحرير التجارة الخارجية وذلك بالتخفيف من الاجراءات إذ ركز الخطاب على إعادة هيكلة الضريبة الجمركية حيث سيتم تخفيضها إلى نسبة 50 % كحد أقصى . - التركيز على التخفيض التدريجي لعجز الميزان الجاري الخارجي ، إذ ستتم تدنيته لمعدل 6.9 % من الناتج الداخلي الإجمالي خلال 1994 /1995 وبمعدل 2.2 % من الناتج الداخلي الإجمالي خلال 1997 / 1998 . - ترقية الإدخار الوطني بـ 5.5 نقطة بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي بين 1994 /1995 و1997/1998 . - إقرار توسيع نطاق الضريبة على القيمة المضافة وتقليص مجال الإعفاءات الضريبية .
الاجراءات النقدية لتحقيق الأهداف المسطرة :
تم اتخاذ اجراءات لتحقيق الأهداف أعلاه (9)
- اتباع تسيير مالي صارم يضبط المالية العامة خلال السنوات الثلاث القادمة وكذا ترقية النظام الجبائي بجعله مرناً وفعالاً ؛ الشيء الذي قد يبعد الحكومة من اللجؤ إلى التمويل بالعجز مما يمكّن من اتباع سياسة نقدية صارمة في نهاية 1995 بمعدلات فائدة حقيقية موجبة دائنة؛ مما يحث الأعوان الاقتصاديين لزيادة مذخراتهم . - السعي لتحسين أدوات السياسة النقدية خاصة، وترقية النظام المصرفي، إذ تم إدخال أداة نظام الاحتياطي الاجباري سنة 1994 لتنمية امكانيات مراقبة السيولة النقدية بتسقيف إعادة الخصم للبنوك التجارية من طرف بنك الجزائر . - التحول نحو الرقابة غير المباشرة للسياسة النقدية التي كانت نقطة استهداف منذ ماي 1995 كما تم ادخال عمليات البيع بالمزاد العلني في السوق النقدية ، وهذا في شكل مزايدات القروض . - هيكلة المعدلات المباشرة خاصة في ما يتعلق بمعدل إعادة الخصم ومراجعة اجراء المزايدات للسندات على الحساب الجاري والعمل على تسهيل إدخال عمليات السوق المفتوحة في 1996 . - تشجيع إنشاء البنوك والهيئات المالية التجارية الخاصة بتنشيط المنافسة في النظام المصرفي ونمو فعالية إجراءات الوساطة المالية . - إجراء اعادة هيكلة الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط وتكامله مع الجهاز المصرفي، وقد تم تنفيذ ذلك خلال السداسي الأخير سنة 1997 بهدف إنعاش الادخار وتأمين سياسة صارمة لتغطية التأجير من طرف هيئات التسيير العقاري لتمويل السكن الاجتماعي .
سير السياسة النقدية في ظل الإتفاق الموسع :
عرفت هذه الفترة عودة ملحوظة إلى السياسة النقدية باعتبارها كوسيلة ضبط اقتصادي وسياسة لإدارة الطلب، وقد تم تسجيل في هذا الشأن المؤشرات التالية (10):
- بلغ معدل السيولة M2/le PIB 38.6 % سنة 1995 بدل 49.2 % سنة 1993 . - بلغ معدل التضخم 21.9% نهاية 1995 بدل 38.6 % سنة 1994 . - وصل معدل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4.3 % . - بلغت نسبة العجز الكلي للميزانية العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي ( 4. 1 - % ) . - بلغت نسبة عجز الحساب الجاري في ميزانية المدفوعات إلى الناتج المحلي الاجمالي ( 2. 6 - % ) . - سجل معدل السيولة المحلية ارتفاعاً بـ 13 % . - بلغت الاحتياطات الرسمية بالنسبة إلى الواردات 2.1 شهر بدل 2.9 شهر سنة 1994 . - ارتفاع الائتمان المحلي سنة 1995 ؛ إذ سجل 5.3 % في حين تم تسجيل 2.8 % سنة 1994. - بلغ معدل خدمة المديونية 43.8 % بالنسبة إلىالصادرات من السلع والخدمات خارج المداخيل العامة.
أما في سنة 1996 فقد تم تسجيل المؤشرات التالية :
- معدل السيولة 36.3 % . - معدل التضخم سجل معدل 15 % - معدل النموا الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي 4.2 % . - نسبة العجز/ على الفائض الكلي للميزانية العامة إلى الناتج الداخلي الاجمالي 0.3 % . - نسبة عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات إلى الناتج المحلي الإجمالي 8 . 3 - % . - الاحتياطات الرسمية بالنسبة للواردات 2.5 شهر. - نمو الائتمان المحلي بـ 9.3 % . - بلغ معدل النمو خدمة المديونية 63.8 %
ثانياً : طبيعة الاصدار النقدي في الجزائر :
تعد وظيفة الإصدار النقدي في الجزائر من مسؤليات مؤسسة " بنك الجزائر " ، وهو ما نصت عليه المادة 4 من قانون النقد والقرض (11) : " يعود للدولة امتياز إصدار الأوراق النقدية والقطع النقدية في التراب الوطني ويفوض حق ممارسة هذا الامتياز للبنك المركزي الخاضع لأحكام الباب الثاني من الكتاب الثاني من هذا القانون دون سواه ".
كما يمكن لبنك الجزائري التخلي عن التعامل بأوراق نقدية معينة؛ أي سحبها من التداول وهو ما نصت عليه المادة 7 من القانون 90/10 : " في حالة سحبها من التداول تفقد الأوراق النقدية المعدنية إجراء السحب والتي لم يتم تقديمها للصرف في أجل عشر "10" سنوات، قيمتها الإبرائية وتكتسب الخزينة قيمتها المقابلة "، وبالعودة إلى الصياغة الفرنسية تبين لنا أن الفقرة الأخيرة من المادة تعني ان الأوراق النقدية والمعدنية التي لم يتم تقديمها للصرف في اجل عشر "10" سنوات تفقد قيمتها الإبرائية ...
تتمثل عملية الإصدار النقدي في قيام بنك الجزائر بتزويد السوق بالأوراق والقطع النقدية المحددة قانونياً من حيث الشكل، والمواصفات والقيمة؛ إذ تعتبر الورقة المصدرة بمثابة التزام أو تعهد من قبل بنك الإصدار ، حيث تصبح عملية الإصدار نافذة بمجرد انتقال الورقة النقدية من خزائن البنك الداخلية إلى خارج الجهاز المصرفي ، إذ تتحول بذلك الورقة من ورقة عادية إلى ورقة نقدية تحمل قوة إبرائية .
أما حجم الإصدار فيتوقف على حجم النشاط الاقتصادي من جهة وعلى طبيعة السياسة النقدية المنتهجة من جهة أخرى .(12) ، إذ تتم تغطية كل إصدار نقدي في الجزائر وفقاً لما اشارت إليه المادة 59 من قانون النقد والقرض: " لايجوز ان يصدر النقد من قبل البنك المركزي إلا ضمن شروط التغطية تحدد بنظام يوضع وفقاً لأحكام الفقرة " أ " من المادة 44 أعلاه . لا يمكن أن تتضمن تغطية النقد إلا العناصر التالية :
1- سبائك وعملات ذهب ، 2- عملات أجنبية حرة التداول ، 3- سندات مصدرة من الخزينة الجزائرية، 4- سندات مقبولة تحت نظام الأمانة أو محسومة أو مرهونة . "
إن تناولنا لموضوع الإصدار النقدي في الجزائر إنما هو لأجل التعرف على طبيعة هذا الإصدار وحقيقته؛ ذلك أن للكتلة النقدية علاقة وطيدة بمؤشرات الاختـلال المسجلة على مستوى الاقتصاد إذ يقول " ميلتون فريد مارن " في هذا الشأن من الصعوبة ضبط الأسعار دون ضبط معدل زيادة كميات النقود ولا توجد دولة في العالم أستطاعت التغلب على مشكلة التضخم دون اللجوء لخفض معدل زيادة كمية النقود والدليل على ذلك تجارب بريطانيا ، ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية .
وعليه سنحاول من خلال هذه الدراسة التعرف على طبيعة الإصدار النقدي في الجزائر إذ أن مسايرة الكتلة النقدية ( الإصدار النقدي ) إلى مستوى الانتاج ( الإصدار العيني) تعد أمراً ايجابياً على الوضع الاقتصادي؛ حيث التغير علـى مستـوى الكتلة النقدية ( dM2) يجد مقابل له على مستوى الإنتاج ( dle PIB ) وهذا ما اشار إليه " ميلتون فريدمان " تحت إسم الإستقرار النقدي المعبر عنه بالعلاقة : =
إذ أنه كلما تساوت هذه النسبة والواحد الصحيح كلما حقق ذلك الاقتصاد استقراراً نقدياً ، ولو كان من الصعب إيجاد هذه الحالة ؛ ذلك أنه ليس بالسهل تسيير النقود أكثر مما هو سهل تسيير المصانع. وسنتعرض في هذا المضمار إلى: – الكتلة النقدية والانتاج - التغطيــة النقديـة
الكتلة النقدية والإنتاج :
يصور الجدول رقم (1) تطور مكونات الكتلة النقدية (13) ومركباتها مجموعة من الملاحظات أهمها : - تمثل العملة المتسربة خارج الجهاز المصرفي نسبة كبيرة إذ بقيت عند معدل متـوسطـي 36 % من الكتلة النقدية حتى سنة 1992 حيث تعادل تقريباً هذا التسرب النقدي مع الودائع تحت الطلب في سنة 1988 لتشهد ارتفاعاً أكبر بداية من سنة 1989 ، حيث تجاوزت مقدار الودائع تحت الطلب خلال فترة الدراسة، لنجد هذا العنصر يرتفع ليساوي مجموع الودائع تحت الطلب وكذا الودائع في ccp سنة 1990 ونفس الملاحظة بالنسبة لسنة 1992 ؛ مما ينبئ بحقيقة وجود جهاز مصرفي غير رسمي ينشط بقوة وفعالية وهو ما يؤثر سلباً على وضع إطار سليم للسياسة النقدية . - نتيجة الإصلاحات في سعر الصرف التي قامت بها الجزائر خلال هذه الفترة والتسهيلات المقدمة للحصول على العملة الصعبة وكذا بداية العمل على تحرير التجارة الخارجية فقد شهدت معدلات التسرب انخفاضاً بداية من سنة 1993 . - تشهد المتاحات النقدية انخفاضاً على مستوى سنوات الدراسة إذ سجلت معدل 52.76 % من مجموع الكتلة النقدية بدل 86.09 % من الكتلة النقدية لسنة 1988 .
- الزيادة المحسوسة في الكتلة النقدية سنة 1993 ، حيث قدر هذا المعدل ب 103.03 %من الكتلة النقدية وهو مايعبر عنه لاحقا بزيادة القروض نحو الاقتصاد والحكومة كون هذه الفترات بالذات شهدت توقيف مسار التعاقد مع الصندوق النقدي الدولي، أزمة الخليج التي أظهرت ارتفاعاً في أسعار البترول لم يستمر طويلاً حتى أفل ذلك الوضع وحينها عرفت الجزائر حالة اقتصادية اقل ما يقال عنها أنها صعبة وحرجة .
يتناسب مفهوم الناتج الداخلي الإجمالي في نظام الحسابات الإقتصادية الجزائرية مع تعريف حقل الإنتاج المعطى من قبل نظام الامم المتحدة(14) .
يرى " ميلتون فريدمان " أن الإستقرار في المستوى العام للأسعار في المدة الطويلة لايتحقق إلا بنجاح السلطات النقدية في تحديد ما أسماه بـ" الحجم الامثل لكمية النقود "؛ ذلك الحجم الذي لابد أن يسود كي يحافظ على مستوى الاسعار السائدة في بدأ الفترة الزمنية موضع الإعتبار؛ إذ أن الحجم الأمثل لكمية النقود يتمثل في ذلك الحجم من النقود الذي يتعين أن يلغي معدل تغيره في كل فترة زمنية الأثر الذي يمارسه معدل تغير الناتج القومي ، والذي يمكن أن يقاس بقسمة التغير في كمية النقود على التغير في الناتج الداخلي الخام .
ومحاولة منا للوقوف على الوضع المترابط بين السوق النقدي والعيني في الإقتصاد الجزائري رأينا القيام بدراسة تطور التغيرات في الكتلة النقدية والتغيرات في الناتج الداخلي الخام للفترة التالية لبدايـة الإصـلاحـات، وكـذا دراسة سيولة الاقتصاد الجزائري باعتبار معدل السيولة يعبر عنه بـ : M2/Le PIB (15)
المصدر : حسب انطلاقاً من معطيات بنك الجزائر * بالنسبة لنمو الناتج، المصدرالسلطات الجزائرية وتقدريرات مصالح le FMI
انطلاقاً من الجدول أعلاه يتضح جلياًعدم التوافق الملحوظ بين التغير في الكتلة النقدية M2 والتغير في الناتج الداخلي الخام Le PIB
- في الفترة الممتدة بين 1990 – 1992 ؛ نجد الكتلة النقدية في تزايد محسوس إلا ان هذه الزيادة ليس لها مقابل عيني؛ إذ شهدت الكتلة النقدية نمواً متضاعفاً بين1966 و1991 مقدراً بـ 70 مرة في حين إذا قـارنا ذلك مع الناتج الداخلي الخام نجده لم يتضاعف إلا بـ 27 مرة فقط خلال الفترة المذكورة (16) . - بداية من سنة 1994 نلحظ أن نمو الكتلة النقدية يتناقص ، وهذا يعود إلى البنود المتفق عليها في إطار اتفاق الاستعداد الانتمائي الذي أبرمته الجزائر مع الصندوق النقدي الدولي والذي ينص على تقليص الإصدار النقدي لتحقيق معدل تضخم منخفض . - بالنسبة لمستوى مجمع الإنتاج الداخلي الخام نجده يعرف تغيراً سلبياً في أغلب سنوات الدراسة ما عدا سنة 1990 حيث عرفت الجزائر هذه السنة تعاقداً مع الصندوق النقدي الدولي الذي أجبر السلطات النقدية على الحد من الكتلة النقدية ( M2 ) ، وكذا 1992 التي عرفت السنة السابقة لها ، أي 1991 تعاقدا كذلك مع الصندوق النقدي الدولي؛ إذ حـدد موعـد معـدل نمـو هـذا المجمع في الاتفاق المبرم بـ 2.2 % .
ما يجب الوقوف عليه (17) هو أن هناك إصداراً نقدياًغير موجه إلى القطاعات الانتاجية الفعالة - نقود غير انتاجية – أي أن الإصدار النقدي مول بشكل اساسي عمليات غير إنتاجية توافقت والحقبة العويصة التي عاشتها الجزائر ، أو وجه هذا الإصدار إلى قطاعات كان يعتقد أنها ذات اولوية أو أنها ستحقق إنتاجية او عن طريقها تتحقق الإنتاجية والنجاعة المالية، لكن لم يحدث ما كان متوقعاً نظراً لـ : - طبيعة الفترة المتميزة بعدة إضرابات وإضطرابات ، - ضغوط النقابات العمالية والمطالبة برفع الأجور ، - التسربات النقدية الكبيرة " الاكتناز " ، ... الخ
المصدر : بنك الجزائر * السلطات الجزائرية وتقدير مصالح le FMI
انطلاقاً من الجدول اعلاه نتوقف على القراءات التالية :
- يعرف الاقتصاد الجزائري معدل سيولة مرتفع؛ مما يوحي بإصدار نقدي وفير يزيد بكثير عن الإنتاج العيني إذ سجل هذا المؤشر حتى سنة 1993 معدلاً عند مستوى 50 % . - عودة معامل السيولة إلى الارتفاع سنة 1993 قد يعـزى إلى : * التخفيض في سعر صرف الدينار الجزائري بمعدل 25 % أقل من سعر السوق الموازي والوصول إلى 1 دولار امريكي يساوي 26 دينار جزائري في سبتمبر 1991 (18)بعدما كان واحد دولار يساوي 10 دينار جزائري في 1990 ، وهذا نتيجة الاتفاق مع الصندوق النقدي الدولي . * ارتفاع معدل نشاط السوق الموازي نتيجة الفرق الشاسع بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الموازي مما دفع إلى تسرب نقدي خارج القنوات الرسمية ؛ الشيء الذي يجعل السلطات النقدية تقوم بعملية الإصدار النقدي لتغطية الحاجيات الداخلية ، والجدول ادناه قد يبين إلى حد ما هذه الحقيقة .
الجدول رقم (4) المقارنة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الموازي الوحدة دج / $ أمريكي
La Source : Ben Issad M.E . La réfOrme économique en Algérie(ou l’indicible ajustement structurel) p :110
إضافة إلى ضعف التحصيل الضريبي و يعود ذلك إلى نسب التهرب والغش الضريبين مما يؤدي إلى عدم فعالية السياسة النقدية في التحكم في النقد نظراً للتداخل بين السياسات الاقتصادية .
إلا أنه بداية من عقد الاتفاق مع الصندوق النقدي الدولي بدأ معامل تسييل الاقتصاد في انخفاض وذلك نتيجة السياسة النقدية الصارمة التي تضمنتها بنود المشروطية .
إن التغيرات والتطورات التي وقفنا عليها عند دراسة الكتلة النقدية نجد لها انعكاساً أو سبباً على مستوى الاجراءات والتدابير المتخذة على مستوى الاجزاء المكونة والغطاء المقابل لهذه الكتلة النقدية بتغيراتها انخفاضاً وارتفاعاً .
التغطية النقدية
يبين الجدول أدناه العناصر التي تُعتمد كغطاء للإصدار النقدي في الجزائر وهذا خلال الفترة 198-1995 ما نستخلصه من قرائتنا للجدول رقم (05) : (19)
بالنسبة لمكانة الأصول الأجنبية في تكوين الكتلة النقدية :
إن مقدار تغطية الكتلة النقديـة بالعملات الصعبة يبدو ضعيفاً إذ لم يتعد هذا المكون نسبة 7.23 % من إجمالي الكتلة النقدية إذ بقي يتراوح في حدود أقل من 4% حتى سنة 1994، حيث عرفت الجزائر تعاقداً مع الصندوق النقدي الدولي مما أدى إلى ازدياد الاحتياط النقدي من العملة الأجنبية مسجلة تغيراً إيجابياً بنسبة 207.85 % ليبدأ في الانخفاض بعد ذلك وهو ما يعبر عن هشاشة ميزان المدفوعات الجزائري وعدم قدرته على الصمود وخلق العملات الصعبة رغم الانخفاضات المحسوسة في الدينار الجزائري - على افترض انخفاض العملة يؤدي إلى تحسين وضع ميزان المدفوعات -
إذن نرى أن لعنصر الأصول الأجنبية دوراً هامشياً مقارنة بالعناصر الأخرى؛ مما يدفع إلى وجوب إعادة النظر في السياسات الاقتصادية المنتهجة سواء في مجال التجارة الخارجية أو النقد ...الخ
بالنسبة لمكانة الديون الموجهة للحكومة في تكوين الكتلة النقدية:
تشهد الديون الموجهة للحكومة نسبة ملحوظة؛ إذ بقيت عند مستوى متوسطي 35% خلال الفترة 1988-1992 لتشهد ارتفاعاً حساساً ستة 1993 لتسجل معدل مقداره 74.5 % نتيجة مبلغ 275 مليار دينار الذي يمثل ديون الشركات العامة لدى المصارف والتي تم شرائها من قبل الخزينة وهو ماينعكس في تغيير هذا المكون بنسبة 132.60 % .
كما نلاحظ انخفاض نسبة متحصلات الحكومة من البنك المركزي سنة 1991؛ إذ سجل نمواً سلبياً مقدراً بـ 4.27 % وهذا نتيجة قواعد الصرامة في السياسة الميزانية المتفق عليها مع الصندوق النقدي الدولي، ونفس التحليل يقال عن سنوات 1994-1995 حيث انخفض معدل الديون الموجهة للحكومة إلى 11.22 % و13.04% على التوالي، وهذا مايوحي ببداية الابتعاد عن التمويل التضخمي عن طريق الإصدار النقدي .
بالنسبة لمكانة الديون على الاقتصاد في تكوين الكتلة النقدية :
يسجل هذا المكون أعلى المعدلات حيث بقي عند معدل وسطي 60 % إلى غاية 1992 إذ شهدت هذه الفترة إعادة التطهير المالي للمؤسسات مما دفع بالجهاز المصرفي إلى خلق جرعات نقدية أكثر للقيام يهذا الغرض رغم أنه لم يؤتى ثماره، إذ أن نتائجه لم تبلغ مقصدها؛ ذلك أن نفس المؤسسات التي استفادت من التطهير المالي نجدها في صدارة المؤسسات التي تحتاج للعملية مرة أخرى، مما يوحي أن خلل المؤسسات الجزائرية ليس مالياً فقط، وإنما يتمثل في خلل هيكلي و بشري يحتاج إلى إصلاحات تتجاوز الجرعات المالية .
استنتاجات :
* الإصدار النقدي في الجزائر ذو صبغة تضخمية إلى حد ما، حيث أن التوسع في السيولة لاينشيء الودائع الزمنية – ضعف الادخار الفردي – مما يعني أن نسبة كبيرة من السيولة تتسرب إلى خارج النظام المصرفي؛ مما يوحي بوجود جهاز مصرفي غير رسمي ينشط بفعالية الشيء الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاختلالات .
* تعد تغطية النقد الجزائري هشة ، وقد يعود ذلك إلى ضعف الميزان التجاري ؛ الأمر الذي يجعل من عملية جعل الدينار عملة قابلة للتحويل غير متوفرة الشروط إلى حد ما، لاسيما في عدم قدرة الاقتصاد الجزائري على خلق مكان له في السوق العالمية غير البترولية .
* تمكّن الاقتصاد الجزائري من التحكم في معدلات التضخم بعد سنوات التعاقد مع الصندوق النقدي الدولي في إطار برنامج التكييف، لكن الأمر لاينبىء باسمرار أو نجاعة السياسات الاقتصادية المتبعة؛ إذ أن سياسات التكييف قد تقدم حلولاً إلا أنها في الوقت ذاته قد تكون أداة لتأجيل المشكلة الاقتصادية فقط لاغير .
مسار السياسة النقدية في ظل التحول الاقتصاد الجزائري