الزعيم :
عدد المواضيع : 400 العمر : 33 الدولة : الجزائر الأوسمة : تاريخ التسجيل : 22/09/2008
| موضوع: المرأة : الطريق الوحيد لإثبات الوجود الثلاثاء 31 مارس 2009, 02:25 | |
| عندما يولد لدى عائلة من عائلاتنا أول مولود يتمنى الوالدان أن يكون ذكرا .
إذا كان ذكرا تعم الفرحة وتتهاطل التهاني وتنطلق الزغاريد.
تظهر علامات الرضا على وجه الرجل الذي يقوم بإمرار أصابع يده على شاربه كأنه يريد أن يقول للمهنئين بأنه كان السبب في هذا الإنجاز العظيم ألا هو إنجاب زوجته ذكرا ، وأن ذلك دليل على فحولته .
أما الأم فيبدو على ملامح وجهها علامات الارتياح لأن مولودها ذكر ، الشيء الذي لا يجعلها محل سخط بعلها في حال لو وضعت أنثى، كما أن ذلك لن يعرضها لسخرية النساء الأخريات .
وإذا كان حظ العائلة "تعيسا" يكون المولود أنثى .
عندئذ لن تزغرد النساء ويتلقى الزوج كلمات التحميد على خلاص زوجته وعدم حصول مكروه لها ، ويعم السكون وتشحب الوجوه وكأن مصيبة نزلت على العائلة صاحبة الشأن .
لماذا تنظر مجتمعاتنا هذه النظرة السلبية للمرأة ؟
عندما كان أسلافنا في مرحلة يتمنون أن تلد نساؤهم ذكورا كانت لديهم حججهم التي لا تخلو من بعض الصواب بمنطق ذلك الوقت .
كانت الحروب تندلع بين القبائل المختلفة ، وكانت القبيلة الأقوى هي التي تتوافر على العدد الأكبر من الرجال.
في مرحلة ثانية ، كان أجدادنا يرغبون في إنجاب أكبر عدد من الذكور ليساعدوهم في أعمال الزراعة وتربية الماشية .
وكانوا يعتبرون المرأة مجلبة للعار في حال ما إذا ضبطت مع رجل تحبه ويحبها ولم يكن قد تم عقد قرانهما .
كنا نظن أن هذه العادات والتقاليد قد اختفت بسبب التقدم ، لكن هيهات أن تنمحي من أذهان الناس .
ما زال الناس عندنا ينظرون إلى المرأة أنها نصف مخلوق من ناحية العقل والأهلية والقدرة على التمييز ، وما زالت مهنتها التقليدية هي الإنجاب والقيام بالأعمال المنزلية ، وما عدا ذلك فهو من اختصاص الرجل .
لقد أدرك كثير من النساء أن الطريق الوحيد للتحرر من سيطرة الرجل وقيود المجتمع هو إثبات وجودهن عن طريق العلم .
التعلم هو سلاح المرأة الذي بدأت تجيد استعماله لكي تثبت للمجتمع أنها مثل الرجل في مختلف الميادين ، بل أنها تفوقت عليه في بعضها .
خلال السنوات الأخيرة ،في الجزائر ، صار عدد الناجحات من الإناث في شهادتي التعليم المتوسط (الأهلية) والبكالوريا أكبر من عدد الناجحين من الذكور .
وفي الجامعة فاق عدد المسجلات من الإناث ، في مختلف الفروع والتخصصات ، عدد المسجلين من الذكور.
وقد استطاعت النساء أن يصلن إلى مناصب كانت من قبل حكرا على الرجال .
صارت المرأة شرطية ودركية وعسكرية وقاضية ، وأصبحت تعمل سائقة تاكسي وطيارة.
لقد استطاعت أن تخوض المعترك السياسي ، حيث نجد نساء نائبات في البرلمان ، ورئيسات أحزاب ، وصرن يتنافسن من أجل الرئاسيات .
رغم هذه الأشواط الكبيرة التي قطعتها المرأة ، فما زالت هناك مقاومة من بعض فئات المجتمع لما يجري ، وهي تنظر إلى ذلك بعين عدم الرضا .
تتعالى أصوات هنا وهناك من جهات محافظة ، وخاصة من طبقة رجال الدين ، لتندد بهذا التحول الذي يتناقض ، في رأيهم ، مع الدين وتقاليد المجتمع وأعرافه .
ونلاحظ بأن هذه المعارضة تخف حدتها بمرور الوقت . هل ذلك دليل على تطور الذهنيات ، أم أن المعارضين شعروا باليأس وقلة الحيلة لمنع هذا التحول الحتمي ؟
| |
|